أخبار بيطريةأخبار بيطرية عالمية

اليوم العالمي للسعار

د. شيرين عادل القزاز

يحتفل العالم باليوم العالمي لداء الكلب أو ما يُعرف بالسعار يوم ٢٨ من سبتمبر من كل عام، وفي الوقت الذي يُعتقد فيه أن هذا المرض ينتقل فقط عن طريق عضة الكلاب، إلا أن هذا غير صحيح على الإطلاق، إذ ينتقل السعار عن طريق عضة الكلب أو القط أو أي حيوان ثديي، وتقف الخفافيش وراء معظم الإصابات في أمريكا وكندا، ويُعتبر هذا المرض من أخطر الأمراض المشتركة التي تصيب الإنسان والحيوان، حيث يهاجم الجهاز العصبي مسبباً الموت السريع، ويصيب المرض جميع الحيوانات ذات الدم الحار وخاصة آكلات اللحوم مثل الكلاب والقطط والثعالب والذئاب، وكذلك آكلات العشب مثل الأغنام والإبل والخيول.

وتشير الإحصاءات الحديثة إلى أن هذا الداء يؤدي إلى وفاة ما بين ٤٠ إلى ٧٠ ألف شخص حول العالم كل عام وأن نحو ٤٠% ممن يتعرضون للموت بسبب عضة كلب تقل أعمارهم عن ١٥ عاما عادة ما يكون الأطفال هم ضحايا الإصابة بالمرض نتيجة اقترابهم من الكلاب المصابة من دون خوف أو وعي. اما صغار السن جدا من المصابين فهم لا يستطيعون عادة إخبار ذويهم بما حدث لهم وتخشى وكالات الصحة من أن يكون إجمالي العدد الحقيقي لمن يموت بسبب المرض أكثر بكثير من الأرقام الرسمية.

إن الفيروس يوجد في لعاب الحيوان المصاب قبل ظهور الأعراض المميزة للإصابة بالمرض بمدة تتراوح بين يومين و١٠ أيام، ولهذا تنتشر العدوى من دون إثارة أي انتباه إليه، وتنتقل العدوى عن طريق عضة الحيوان المصاب إلى حيوان آخر أو إنسان سليم، وبعد العدوى للحيوان بمدة تتراوح من عدة أيام إلى ٦ أشهر بمتوسط ٣-٨ أسابيع يمكن تمييز أحد شكلي الإصابة بالمرض، هما:

السعار الهائج وفيه يصاب الكلب بحالة هيجان وانفعال شديد فيعض أي كائن حي يقابله، كما يأكل الأشياء الغريبة مثل الأخشاب والقماش، ومن الدلائل على الإصابة بالمرض حدوث تشنجات في البلعوم فيسيل لعاب الكلب أو الحيوان المصاب، فيمتنع عن الشراب والطعام، يتبع ذلك خمول واضطراب للتنفس، ثم يُصاب الحيوان بالشلل وينفق خلال بضعة أيام.

أما السعار الهامد أو الصامت فهو لا يظهر على الحيوان أي مظاهر «هيجان» ويلاحظ عدم قدرته على بلع الطعام وهنا تكون الخطورة عند محاولة مالك الكلب إزالة الجسم الغريب من حلق الكلب فتتلوث يده بلعاب الحيوان المصاب، وهو ما يؤدي إلى إصابته أيضاً ويعقب ذلك حدوث شلل في الفك السفلي ثم يصل إلى بقية الجسم وينفق الكلب المصاب خلال يوم إلى ٣ أيام، وكلما كانت العضة قريبة من (المخ، النخاع الشوكي) كان ظهور الأعراض سريعاً وتتمثل الأعراض التي تصاحب الإنسان المصاب بالسعار في صداع وتوعك عام وارتفاع بسيط في درجة الحرارة وزيادة القلق والعصبية وإحساس بالألم وحرقان شديد حول مكان العضة واضطرابات نفسية بشكل قلق وعصبية (كزيادة الحركة)، وتتميز الحركة بالاندفاع الشديد والمفاجئ، ويشعر المصاب برعشة تصاحب الحمى وأيضاً صعوبة في التنفس والبلع وزيادة في افراز اللعاب، واتساع حدقة العين وكثرة التبول وعدم القدرة على مواجهة الضوء أو تحمل الأصوات العالية، كما أنه يسبب تقلصات مؤلمة لعضلات البلعوم لذلك يتجنب المريض السوائل ويرفض شربها، ويصاب بحالة شديدة من الخوف منها رغم شدة عطشه، وهو ما يُعرف بالخوف من الماء.

وبتقدم الحالة تنتاب الجسم تقلصات عضلية ونوبات تشنجية عنيفة تتخللها فترات ارتخاء عام وقد يموت المريض خلال إحدى تلك النوبات ويحدث أيضاً شلل بعضلات الحنجرة والذي يمتد الى عضلات الوجه والعين واللسان والأطراف ثم يمتد الى باقي عضلات الجسم، وتنتهي الحالة بالموت بعد مدة تتراوح بين ٤ و١٤ يوما.

العلاج:

في حالة الإصابة لا بد فوراً من غسل الجرح موضع العضة أو الخدش بالماء الجاري والصابون ثم تطهيره بصبغة اليود، مع عدم إغلاق الجرح حتى يمكن تطهيره من الداخل تماما، ثم التوجه إلى مستشفى متخصصة لعمل ما يلزم ومن النصائح المهمة للسيطرة على الفيروس وتلافي انتقال الإصابة عن طريق الكلاب والقطط وتشمل تحصين الكلاب والقطط ضد مرض السعار، وتركيب كمامة للكلاب الأليفة وتسجيل الكلاب وترخيصها مع التحكم فيها بواسطة سلسلة، ومن المهم التوعية الصحية لأصحاب الكلاب وأي مشاكل ناتجة عن إيواء الكلاب تكون على مسؤوليتهم والتحفظ على الحيوان الذي تسبب في عض الشخص مدة أسبوعين تحت الإشراف البيطري لملاحظة ظهور الأعراض عليه من عدمه، ويجب تطعيم الحيوانات الأليفة ضد السعار وخصوصا أنه لا يوجد له علاج حتى الآن، لا بد من تطعيم كلاب وقطط الشارع ضد السعار حتى لو بالجهود الذاتية ومن المهم توفير العقار اللازم للبشر في حالة عض حيوان ضال وتوفيرها بالمستشفيات حيث إنه في عام ١٨٨٥ تمكن العالمان الشهيران لويس باستير وإيميلي رو من تطوير لقاح ضد المرض، أسهم في إنقاذ ملايين البشر من هذا المرض المخيف. وتم استخدام اللقاح في أرجاء شتى حول العالم للحيلولة دون إصابة الكلاب وغيرها من الحيوانات الناقلة للمرض -بما في ذلك الثعالب- من الإصابة به. إلا أن كلفة الوقاية من المرض لا تزال مرتفعة نسبيا، ما يعني أن المرض لا يزال موجودا في بعض الأجزاء الفقيرة في آسيا. وقال الدكتور برنارد فاليت مدير المنظمة العالمية لصحة الحيوان خلال مؤتمر للمنظمة عقد في باريس إن داء الكلب يعد قاتلاً خفيا، وإن كلفة التخلص منه لا تزيد على عشر كلفة علاج المرضى المصابين به. وأشار إلى حقيقة أنه لا يوجد تمويل عالمي للقضاء على المرض في الكلاب.
وفي الختام فإن داء الكلب أو السعار يودي بحياة ما يزيد على ٢٠ ألف شخص سنويا نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام الكافي من المنظمات العالمية والمحلية لإيجاد الحلول الكافية والوافية لهذا المرض من حيث توقير اللقاحات اللازمة وتكون غير باهظة التكاليف وإيجاد حلول للكلاب الضالة في الشوارع والتي تمثل تهديدا وعيدا لحياة الانسان والأطفال خاصة وأيضا لا بد من نشر الوعي اللازم بين الأشخاص عن هذا المرض باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام وعمل ندوات لطلبة المدارس والجامعات من قبل الأطباء البيطريين والمختصين لتعليمهم كيفية التعامل مع عضة الكلاب سواء الكلاب الضالة في الشوارع أو من الكلاب التي تربى في المنازل وحث المربين على ضرورة حصول حيواناتهم الاليفة على اللقاحات اللازمة التي منها لقاح مرض السعار وذلك للحفاظ على سلامتهم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى