مقالات

كوفيد-١٩ ….يوما ما ستكون تاريخا يروى

الطبيب البيطري / باسل بن محمد الهلالي
مدير إدارة الجودة الشاملة بشركة فقيه للدواجن
نآئب المدير الوطني سابقا لمشروع وحدة الاستقصاء الوبائي والإنذار المبكر أحد مشاريع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO مع وزارة الزراعة السعودية.

الفيروس التاجي(كـرونا) مـن العائلة التاجية (Coronaviridae) والتي تحتوي على عدة أجيال جينية (ألفا،بيتا،جاما،دلتا) وهـو من الفيروساتRNA ذات الغلاف والتي يـتـم التميز بين أجيالها الجينية سابقـة الذكر بشكل الغلاف.وكـون أنها مـن فيروسات RNA مـن الحيث صيغـة النقل الوراثي،فهي قـادرة علـى التحور والتغيير في شكلها الوراثي بعملية تعرف بالطفرات الجينية (Genetic Mutations)هذه الطفرات تكسبها تغيرا فـي سلوكها الإمراضي سرعة الإصابة وحدتها وصولا إلـى معدلات احداث وفـاة،هـذا الفيروس قـادر على إحداث الإصابة للإنسان والحيوانات بكافة أنواعها والتنقل بينهم،ففي الطيور – الدجاج – يصيبها بإلتهاب في المنطقة العلوية من الجهاز التنفسي محدثا خسائرا إقتصادية بليغة بسبب سرعة الإنتشار وإحداث النفوق فـي القطعان بشكل كبير جدار وسريع،أيضا فـي الأبقار يصيب الجهاز الهضمي محدثا إلتهاب حـاد فـي الأمعاء (اسهال) وحالات نفوق وسرعة انتشار أيضا عالية فـي القطيع خاصة بالعجول الصغيرة.

إذا هـو فيروس تعرف عليه البشر منذ فـترة طويلة وصنف فـي التصنيف الحيوي،ولكنه خـرج مـن دائرة الهدوء عندما أحدث إصابات بشرية بشكل صلت الضوء عليه،ففي سنة ٢٠٠٢م تم التعرف على أول حالة كورونا في الصين وتم تصنيفه باسم SARS وكانت أعراضه إلتهاب رئوي حاد،بعد تشخيص أول حالةمصابة بالفيروس فـي الصين كان المرض سريع الانتشار فـي أيامه الأولى حيث لـم يستغرق كسر حاجز الألـف إصابه أكثر مـن شهر تقريبا،وعلى الرغم مـن ذلـك فالمرض لم يتجاوز نسبة الوفيات جراء الإصابة به عن ١٥٪،وبمقارنة بالإصابات بفيروس الكرونا الجديد (COVID-19) فهو أسرع إنتشارا وذلك بسبب تغير ثقافة السفر والتنقل خلال ٢٠سنة الماضية وتطور الفحوصات الطبية مما سهل عمليات الاستقصاء الوبائي ويتضح هذا في قلة نسبة إحداث الوفاة حيث لم تتجاوز ٣٪حتى تاريخ كتابة هذه المقالةولكن يبقى الخوف من سرعة إنتشار هذا الفيروس في المجتمعات الدولية.

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS-CoV) ليست بعيدة عن سلوك أخوتها سابقين الذكر من حيث الأعراض وفترة الاحتضان التي لا تتجاوز ١٤ يوما. وعلى الرغم من عنفها في إحداث الوفاة والتي بلغت ٣٥٪ من المصابين إلا أنها كانت بطيئة الإنتشار ففي خلال ٩٠٩ يوم تم تسجيل قرابه ٢٥٠٠ حالةإصابة،كما أنه تم حصره في محيط جغرافي معين رغم أنـه لا ينفي حدوث أو إحداث إصابة خارج هذا المحيط . فـي دراسة أجرتها وزارة الصحة السعودية نشرت نتائجها على موقع منظمة الصحة العالمية ذكرت أن المخالطين مـع الإبل هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض من غيرهم،وهو راجع لعدم تسجيل أعراض حيوية على الإبل المصابة على العكس مـن البشر فلذلك يسهل معرفة المصاب بالنظر وعـدم مخالطة. وأيضا هناك دراسة نشرت نتائجها في موقع المنظمة العالمية للصحة الحيوانية عن التسلسل الجيني لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ذكرت أنه تم عزله من إبل صومالية تتواجد في أراضي كينيا وهي التي أحدثت الإصابة في كينيا.
إن المملكة العربية السعودية عملت بإحترافية عالية للحفاظ على سلامة أفراد مجتمعها بالحيلولة دون إصابته بأمراض المعدية والأوبئة والأمثلة علـى ذلـك كثيرة فبدايـة بحمـى الوادي المتصدع مرورا بـكـورونا MERS وحمى الضنك وختاما بفيروس كـرونا (COVID-19) والذي يتضح ذلك مـن الأرقام التي تنشرها المنظمات الدولية والجهات المعنية فـي المملكة. فبمقارنة فيروسات العائلـة الواحدة كـورونـا تـجـد أن معدل إنتشار MERS بطـيء جـدا ويكـاد يكـون لا يذكر مقارنة بمعـدل إنتشار SARS &COVID وحتى بمقارنـة معدلات انتشار (COVID-19) نفسه في المملكة مقارنة بالدول الأخرى. فهناك خطط وضعت في شتى المجالات الاقتصادية والصحيةوالتعليمية والأمن الغذائي وغيرها لسيطرة على الجوائح المختلفة.
عملت عدة جهات وبشكل مشترك على التصدي لإنتشار متلازم الشرق الأوسط التنفسية، من خلال التقصي النشط على الصعيدين البشري والبيطري وذلك بفحص المخالطين للمصابين من البشر والإبل والتأكد من سلامة الإبل المشاركة في مهرجانات أو مسابقات أو تجمعات وترقيمها إلكترونيا ومتابعة تحركاتها، عمل عدة تجارب سريرية لتحصين ضد MERS ليتم استخدامه على قطعان الإبل في المملكة،فحص الإبل الـوافـدة لغرض المشاركة فـي فعاليات،إيـقـاف إستيـراد الإبل لغرض الهدي والأضاحي في فترة الحج. علاوة على حزمة من البرامج والرسائل التوعوية على الصعيدين البشري والبيطري وفتح قنوات تواصل مباشرللاستفسار والبلاغات.إبعاد حظائـر وأحـواش الإبل القريبة مـن المدن عمل المسح أو التقصي السلبي بشكل عشوائي مـن الإبل والمخالطين لهـا فـي الأسواق أو تجمعات التربية،والعديد من الأبحاث،عمل لجان مشتركة لتسهيل التواصل بين الجهات الحكومية المختلفة تعمل مـن ذلك الوقت وإلـى يومنا هذا. تلك الإجراءات تم العمل عليها وبصرامه فكانت مثالا يحتذى به،يتم السيطرة التامة على إنتشار الفيروس ولم يضطر العاملين على هذا الملف لاتخـاذ تدابير أكثر تعقيدا وعنفا مثل مـا يحدث حاليا في (COVID-19) والتي هـي أيضا كانت ذات نتجيـة فعالة تشعرني بالطمأنينة لأنـه بات مـن الواضح أن الجهات المعنية في البلاد مسيطرة بإذن الله على إنتشار الفيروس مع توفير كافة احتياجات المجتمع الصحية والأمنيةوالغذائية حتى المادية.

نسأل الله أن يحفظ العالم من هذه الجائحة وينهيها قريبا لتعود الحياة في الشوارع والمدن التي خلت من المارة على غير عادتها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى